من الدكتور مفيد راجح ادمن هذا المنتدى قرأت هذا الموضوع
رؤية الدكتور أحمد راجح:
(( يعتبر العلامة الفقيه الدكتور احمد راجح واحداً من أعلام الفكر الإسلامي المنفتحين على العصر ذوي السيرة الحميدة ، يحاضر جامعياً وله عدد من الأعمال الفكرية والدراسات ، وينطلق دوماً من مبدأ أن الدين يسر ))
في كل من:
رواية ((أرض الأقحوان)) ورواية ((رسالة للنسيان))
أرض الأقحوان
قرأت واطلعت، وفكرت وتحيَّرت، وخطوت ومشيت في رحاب ومسارب (أرض الأقحوان) ، وفيها رأيت رواية أدبية، وملحمة شعرية، ورؤية صوفية، وصوراً رمزية، ومناهج تربوية ، وقيماً أخلاقية ، تسعى نحو رقي النفس البشرية ، لتجعل من الفرد أمة ، فيها الخير والحق والعدل والنور:
((عصاي التي صارت غابة أشجار ، وطيري الذي صار أسراباً ، وكلبي الذي صار قطعاناً..
كلها تشم هواءها ، وتشرب ماءها ، وتمرح بابتسام أبدي، لا ترى ظلاماً ولا ظلما ، بل ترى
من النور أنواراً ، ومن اللون ألواناً ..))
أرض الأقحوان أرض الحقيقة والصواب:
(( لأن الأقحوان ليس في الثياب، بل في الصدور وفي القلوب، ليس في الكلمات، بل في الإيمان بأن الحياة والسعادة للجميع ، لا تجارة تفرق شملنا ، لا واحد أبداً للشراء ، ولا آخر للمبيع.))
أرض الأقحوان تعلن عن صلة الإنسان بالإنسان:
((أنا لا أتحدث عن حب بل ذوبان.
أنا لا أتحدث عن بلد بل بلدان.
أنا لا أتحدث عن كون بل أكوان.
أنا لا أتحدث عن يوم بل أزمان.
أنا لا أتحدث عن حجر بل إنسان.))
ربطت أرض الأقحوان بين الزمان والمكان، وحددت حقيقة الإنسان:
(( كان صباحاً والزمان ليس هو الوقت وحسب ، بل هو أيضاً مكان مثل المكان ،
قبل دقيقة كان شيء ما هنا يحتل الزمان والمكان ، وأنا الآن جئت لآخذ ذات المكان ،
هل اختلف المكان ؟ لا ، بالطبع لم يختلف المكان ، لكنني في الزمان أصبحت بديلاً لغيري في ذاك المكان،
وأنا أصبحت غير غيري في المكان بفرق الزمان .. الزمان أيضاً هو المكان في ذات المكان ..))
أرض الأقحوان بُعد صوفي في وحدة الوجود ، لا ، فواجب الوجود ظاهر في كل الموجود ،
(( جعلت الأشجار غطائي ، ولحاءها جلدي ، وسرت أبحث عن بلاد الأقحوان. رتلت صلاتي، وصلاتي من حفيف الأشجار، ومن ضوءالنهار، ومن طينة نحل عسل ، صلاتي هي من أسى قلبي ، وأسّ قلبي من صلة السماء.))
أرض الأقحوان انطلاقة روحية
،(( نحن نيام ، وأنا أرى في نومي أكثر مما أرى بأنظاري ، فالطريق أمامي هنا مفتوحة ، وليست مقيدة بأجفاني..
لست مقيداً بوزني أو ظنوني، ولا بالرغبات أو الجنون، لست سجيناً في أي أمر. ولهذا فانا أرى بدون قيد او شجون ، أسافر في الأزمان أخطوها ، وانا ضمن عائلتي التي أحب أرى الحقيقة من غير العيون.))
أرض الأقحوان دعوة اجتماعية للسعادة ،
(( ولكنني وأنا وحيد ، لا أحب أن أكون وحيداً مثل آدم وقد أتى إلى الجنة ، ملّ أن يكون سعيداً
طالما أنه عدّ أنفاسه وظل يعدها عداً مديداً ، فكانت مطالبه لخالقه أن يكون في الجنان سعيداً ،
دون أن يكون وحيداً ..))
السطر الأخير في أرض الأقحوان
((أأنت إنسانٌ بقلبِ الأقحوان ؟ أأنت مزيجٌ من تراب ٍ من خليط جثة الإنسان
وقلب الأقحوان ؟! لقد كان هذا في أحلامك أيها الإنسان.
إنك إنسانٌ بقلب الأقحوان .. ليسَ لك في هذه ِ الدنيا مكان ..
لآخر ِ مرة ٍ سألقي عليكَ نصائحي ، لأنك كنت ذات يوم ٍ حبيبي .. أقولُ لك
إنك في بلاد رفاقِ دربكَ ، الأشجارُ والكلابُ والأطيارُ ، يسكن الأقحوان
في كل الدروب ِ وعلى الزواريب والشطآن والخلجان ..
لايهمك أن تراه طالما هو في كل القلوب ِ مزروع ٌ .. مزروع ٌ إلى أن
أصبحَ الأقحوانُ هو الحبُّ والإيمان )).
وانا أقول: إن الحياة لا تكون حياة إلا بالحب والإيمان ، فلا إيمان لمن لا محبة له ، ولا محبة لمن لا إيمان له.
أخي زهير بورك قولك وبورك عملك ، نسمات روحك تملأ القلب والعقل والنظر.
د. أحمد راجح
دمشق 11/05/2009
رسالة للنسيان
هي لغة جديدة، وأسلوب عصري، ورؤية عميقة للبحث عن الحقيقة في أفق واسع من العقلانية والمثالية الرمزية وضعها الكاتب بين يدي قرائه ليتحركوا في واقعهم المؤلم للوصول إلى الأفضل والأحسن في مسار الحياة، صور تنبع من أعماق الإنسان ترسم له وجوده الفعلي بين الحقيقة والوهم، بين الخطأ والصواب بين الخير والشر، وبين الحرية والعبودية حتى يصحح الرؤية المجدية إلى بناء الحياة والإنسان بين الموجود والمعدوم بين البداية والنهاية وليقدم قيمة الإنسان وما يحويه في ذاته من سلبيات وإيجابيات .....
ويرسم الكاتب في (رسالة للنسيان) صوراً متعددة تختلف من إنسان إلى إنسان في الزمان والمكان ويقرر مبدأ عدم الثبات بل اللون متحول فما كان في الأعلى لا بد وأن تدور به الحياة ليكون في الأسفل والعكس بالعكس وليعلن أن إنسان العصر اليوم استطاع أن يكتشف أسرار الكون المادي ويقدم الاختراعات التي أطلق عليها حضارة ولكنها في الواقع كانت سبباً في تدمير الحضارة والإنسان في الكون ولكن لم يستطع أن يصنع الإنسان الذي هو قطب الحياة والخير والسعادة في هذا العالم.
أجل إنه عطاء مميز، وقدرة على التحليل بأسلوب مبسط ربما تسهل قراءته ولكن الوصول إلى المراد منه يحتاج إلى فكر، والتفكير فريضة الإنسان.
الدكتور أحمد راجح